أعاد المواطن التونسي محمد غسان نويرة إحياء صبغة الأرجوان الملكي من أصداف البحر بالطريقة المستخدمة منذ أكثر من 4 آلاف عام.
ويقول نويرة الذي يعرّف عن نفسه، بأنّه "شغوف بالتاريخ القديم"، والذي قضى سنوات يحاول تعلّم هذه الصناعة، إنّ الفكرة بقيت تراوده لأكثر من 12 عامًا.
ولعلّ اللافت في هذه الصناعة القديمة أنّها "أغلى من الذهب"، علمًا أنّ الغرام الواحد من الصبغة يُباع بنحو 2500 دولار، ويحتاج إنتاجه إلى 54 كيلوغرامًا من أصداف الموريكس.
هواية ومغامرة :
هكذا، بات محمد غسان نويرة، وهو مدير في إحدى الشركات الخاصة، أخصائيًا في استخراج صبغة الأرجوان الملكي من أصداف البحر بالطريقة القديمة التي كان يستعملها أجدادنا منذ 4000 سنة، كما يقول.
ويشير إلى أنّ هذه "الهواية" بدأت عندما كان عمره 14 سنة، وتحديدًا في حصّة التاريخ، "عندما كنا ندرس عن اقتصاد الكنعانيين والفينيقيين واقتصاد قرطاج وكيف اشتهروا باستخراج الأرجوان الملكي من أصداف البحر وكان أغلى من الذهب".
ويضيف: "بقيت الفكرة تراودني أكثر من 12 سنة، وعام 2007 وجدت حلزون البحر على شاطئ البحر ميتة، ومنذ ذلك الوقت بدأت مغامرة في إعادة إحياء هذه الصبغة".
انتقادات انقلبت إلى تشجيع :
يعمل نويرة داخل كوخ في حديقته لمعالجة أصداف أو حلزون الموريكس باستخدام تقنيات طورها الفينيقيون لأول مرة بهدف إنتاج صبغة تعرف باسم أرجوان صور أو الأرجوان الملكي.
يؤكد أنّه واجه الكثير من الانتقادات في البداية، "لأنّ الناس لا تعرف عن هذه الحرفة شيئًا". يعدّد بعض هذه الانتقادات، حيث كان كثيرون يسألونه عن "الفائدة" ممّا يفعله، ويتحدّثون عن "وقت ضائع وتعب"، ويدعونه إلى ممارسة هواية أخرى وترك ما يقوم به.
لكنّه يلفت إلى أنّ هذه الانتقادات كانت "حافزًا له وقوّت عزيمته أكثر"، ويتابع: "لقد واصلت إلى أن رأيت النتائج وشاهد الناس أيضًا النتائج، انقلب ذلك الانتقاد إلى تشجيع وذلك حفزني لأواصل أكثر في هذه الحرفة لأن هناك دائمًا شيئًا جديدًا لاكتشافه".
كيف تحصل العملية؟
وقضى نويرة سنوات يحاول تعلم كيفية إنتاج الصبغة من شباك حلزون الموريكس التي يشتريها من صيادين محليين فيقوم باستخراج الغدد ويسحق الأصداف ويمر عبر مراحل عديدة أخرى ليحصل في النهاية على كمية قليلة من المسحوق الأرجواني.
يقول في هذا السياق: "كان أجدادنا من قبل يصنعون الصبغة من المريق (حلزون الموريكس) بهذه الطريقة. يكسرون صدفة المريق ثم يخرجون الغدة وبعد ذلك يتركونها تتخمر في الملح مدة ثلاثة أيام ثم يضعونها في إناء قصدير ويضيفون مواد أخرى ويتركونها على النار من سبعة إلى ثمانية أيام، إلى أن تذوب الصبغة في الماء".
ويضيف: "عند ذلك يجربونها على الصوف أو الحرير ويقيّمون اللون إن تحصلوا على اللون المنشود أو يتركونها على النار إلى أن يتحصلوا على اللون المنشود".
الفيديو :