فيلم "مشكي وعاود" يعرض حاليا في قاعات السينما في تونس من إخراج قيس شقير وبطولة نجوم الكوميديا في تونس بسام الحمراوي وجعفر القاسمي وكريم الغربي
- "مشكي وعاود" هو لفظ يطلق على لعبة "الورق" عند انتهاء كل جولة وبعثرة الأوراق وخلطها من جديد والانطلاق في جولة ثانية، ولكل شخص حظه.
...
- يصنف الفيلم في خانة "الكوميديا السوداء" التي تعالج قضايا الواقع الراهن ولكن بطريقة ساخرة تجعل الجمهور يضحك على آلامه.
اعتبره النقاد توجها جديدا في السينما التونسية بالتخصص في الأفلام الكوميدية التي قطعت مع مرحلة من السينما الملتزمة.. أنه فيلم "مشكي وعاود" الذي نزل مؤخرا قاعات السينما التونسية ليحقق إيرادات عالية ونسب مشاهدة مرتفعة.
واحتضنت قاعة الكوليزي بالعاصمة تونس عرض الفيلم لمخرجه قيس شقير ومن بطولة نجوم الكوميديا التونسية بسام الحمراوي وجعفر القاسمي وكريم الغربي.
الفيلم الذي استغرق انجازه قرابة السنة يعدّ العمل الأول السينمائي في مسيرة المخرج قيس شقير الذي أخرج عدة مسلسلات كوميدية من بينها "الهربة" و"الي ليك ليك" و"دنيا أخرى".
و"مشكي وعاود" هو لفظ يطلق على لعبة "الورق" عند انتهاء كل جولة وبعثرة الأوراق وخلطها من جديد والانطلاق في جولة ثانية، ولكل شخص حظه.
أيديولوجيات:
وهذا ما حصل مع هؤلاء الثلاثي في الفيلم حيث توقفت حياتهم في ليلة من ليالي شتاء سنة 2019 عندما تعرضوا لعملية سطو مسلح من قبل عصابة تتزعمها امرأة تدعى "سوسو" في غابة خالية من الناس وجردتهم من أموالهم وحتى من ملابسهم.
في تلك الليلة، حدثت ظاهرة طبيعية غريبة من نوعها وظهر في وجوههم شعاعا أبيض اللون أرجع بهم الزمن إلى ما قبل الثورة في سنة 2009 في عهد زين العابدين بن علي.
ففي بداية الفيلم جسد كريم الغربي دور المتطرف دينيا "الأمير أبو خنجر" الذي يتاجر بالدين ويكفر من يشاء ويهدي من يشاء وجعفر القاسمي"ربيع" جسد دور الرأسمالي الثري الفاسد المختنق بالديون.
أما بسام الحمراوي فقد تقمص دور النقابي والمدافع عن حقوق العمال"حمودة" والمتزوج بـ "أسماء باركينغ" التي جسدت دورها الممثلة "جوليا الشواشي".
ولخص هذا المشهد الواقع الحاصل في تونس حاليا والذي تقسمه الأيديولوجيات وتحكمه السياسة وتتقاذفه صراعات الهوية.
لكن بالعودة إلى سنة 2009، صدم الثلاثي بحقيقتهم المرة فالأمير أبو خنجر وجد نفسه قبل الثورة ذلك الشخص الملقب بـ "قعموزة" المنحرف وبائع الخمر خلسة.
أما القاسمي فوجد نفسه منخرطا في حزب التجمع التابع لرئيس تونس الأسبق زين العابدين بن علي (المخبر والمتملق)، أما الحمراوي وجد نفسه ذلك الشيوعي الذي كانت تخونه حبيبته.
"نبش في عمق المجتمع"
وحاول سيناريو الفيلم أن ينبش النفاق الاجتماعي الذي يتظاهر به البعض وأن يثير عديد القضايا بطريقة كوميدية بحتة كالتعصب والإرهاب والفساد والعنف والاجرام والاستغلال والشذوذ الجنسي.
ويصنف الفيلم في خانة "الكوميديا السوداء" التي تعالج قضايا الواقع الراهن ولكن بطريقة ساخرة تجعل الجمهور يضحك على آلامه.
ورغم ذلك لم يخل الفيلم من المشاهد الدرامية ذات البعد التراجيدي التي جعلت الجمهور يتأثر حد البكاء مثل مشهد عودة جعفر القاسمي لمنزل والدته ووجدها على قيد الحياة بعد أن ظن نفسه قد فقدها.
الفيلم قدم أيضا صورة تعكس التفاصيل الجديدة التي أصبح المجتمع التونسي يحملها بعد عشر سنوات من اندلاع شرارة الثورة.
وبعودتهم إلى ماضيهم، اكتشف هؤلاء الثلاثي واقعهم الأصلي لذلك أرادوا أن يقلبوا قواعد اللعبة وإعادة خلط الأوراق من جديد.
فالقاسمي أراد ألا تندلع الثورة وحاول أن ينبه الرئيس زين العابدين بن علي بأن ثورة ستحدث في بداية سنة 2011 كما حاول أن يمنع محمد البوعزيزي رمز الثورة التونسية من حرق نفسه لكنه لم يستطع.
وأقدم كريم الغربي على الامضاء على صكوك بدون رصيد واقتناء سلع مخصصة للبناء بأسعار خيالية لأنه متأكد من أنه بمجرد اندلاع الثورة سيتم الإفراج على مساجين "الشيكات" مثلما حصل سابقا.
وبسام الحمراوي باع مبادئه وتنازل عن حقوق العمال في سبيل الحصول على أموال من صاحب المصنع مقابل إخماد صوته كما حاول أن يبتعد عن حبيبته الخائنة كي لا يتزوجها من جديد.
فبخلط الأوراق من جديد انقلب حالهم وتغيرت مكانتهم حيث أصبح كريم الغربي برجوازيا ورجل اعمال ثري وجعفر القاسمي أصبح أميرا سلفيا وبسام الحمراوي أصبح ذلك النقابي المفرط في مبادئه.
وبين هذه التحولات، مرر كاتب السيناريو سليم بن إسماعيل مشاهد مضحكة اعترضت هذا الثلاثي خلال رحلتهم في الفيلم، ولقائهم بشخصيات ثانوية.
وعلى امتداد ساعتين من الزمن، تفاعل الجمهور مع كل مشهد مرة بالتصفيق و مرات بالضحك إعجابا بالمشاهد الساخرة والكوميدية للفيلم.
ورافق أبطال الفيلم أسماء معروفة في الساحة الفنية التونسية وهم سفيان الداهش والشاذلي العرفاوي ولطفي بندقة وصلاح مصدق وفاطمة بن سعيدان.
Tags:
مسلسلات تونسية